إن تغيير الواقع والتحول نحو دولة القانون والمؤسسات لا يأتي طفرة واحدة، إنما يكون على مراحل، وبتضافر الجهود المؤمنة بضرورة ذلك، من هنا جاءت فكرة هذا العمل كأول مؤتمر قانوني يعقد برعاية وزارة الدفاع الليبية، ويركز على مشاكل قانونية وواقعية يعاني منها رجال القضاء، تتعلق بمسألة المواجهة القانونية للإرهاب التي لم تلقَ الاهتمام الكافي .

ولعلنا لا نجانب الصواب عندما نحاول تحديد المسارات التي يجب طرحها في هذا المؤتمر، باعتباره مؤتمراً ذا طبيعة خاصة، من نواحٍ عدة؛ فالموضوع الذي يطرحه المؤتمر يتعلق بالمواجهة القانونية لجريمة خطيرة ألا وهي الإرهاب ، أضف إلى ذلك مؤسسات الدولة المستهدفة بالمشاركة، وأخيرًا النتائج المأمولة على هامش هذا المؤتمر.

 يطرح المؤتمر إشكاليات قانونية عدة، تحتاج إلى فكر الباحثين وأقلامهم، أهمها:

 1 ــ القانون رقم (3) لعام 2014م، الذي يُعدُّ أداة قانونية لمواجهة الإرهاب، غير أنه يحتوي على الكثير من المثالب والثغرات القانونية، كما أنه يخالف الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها ليبيا؛ لذلك رأينا ضرورة تكافل الجهود القانونية لمعالجة هذه الثغرات .

2 ــ الآثار الناجمة عن القانون رقم (4) لعام 2017م، وعدم توفيق المشرع الليبي في ضبط قواعد تنازع الاختصاص بين القضاء العسكري والعادي فيما يتعلق بنظر جرائم الإرهاب، حيث لا يخفى أن الأمن القانوني هو مبدأ من مبادئ دولة القانون، وسيادة القانون التي تعدّ أهم سماتها، الأمر الذي يفرض أن تتميز تشريعاتنا بالاستقرار؛ لتحقيق الأمن القانوني، وترسيخ ثقة المواطنين في العدالة، وحماية الحقوق والحريات الأساسية للمجتمع الليبي .

 

وبالتالي فإن القائمين على هذا المؤتمر قد وضعوا هدفًا أساسياً لهذا العمل العلمي والعملي، بتوجيه الدعوة إلى نخبة القانونيين من رجال القضاء العسكري والعادي، والأكاديميين بالجامعات الليبية، وجميع المهتمين بهذا الموضوع من مختلف المؤسسات الليبية؛ حتى يتحقق تضافر الجهود الوطنية الساعية إلى إحداث التغيير البنّاء، واختتام فعالياته بإقامة ورش عمل على هامشه؛ للخروج بحلول للإشكاليتين السابقتين، وتقديمها لجهات الاختصاص.